ترجمة العلامة امحمد ولد أحمد يوره / محمدن بن امد
رجعت في ترجمة هذا الطود الأغر لما كتب عنه حفيده الشاعر الأديب المؤرخ امحمد بن شماد بن امحمد بن أحمد يوره مقدما به لديوانه، مع اختصار ما، يقول الأستاذ امحمد بن شماد:
“ولد العلامة والأديب امحمد بن أحمد يوره عام ١٢٦٠هـ – الموافق ١٨٤٤م بمنطقة إيگيدي، والده هو أحمد يوره بن محمذن بن أحمد بن محمد العاقل، أما أمه فهي أمنيان بنت أمحمد فال بن والد بن المصطف بن خالنا، نشأ امحمد مدللا في أكناف أسرته، بين والدته أمنيانَ وجدته أم الحسين بنت ألمين بن أحمد بن العاقل وزوجها العلامة: ألمانَ بن المختار بن اللا الذي خلف عليها بعد وفاة زوجها امحمد فال بن والد، وبين والده أحمد يوره وجده محمذن بن أحمد بن العاقل الذي كان امحمد أول حفيد له، وأعمامه العلماء المختار أم “التاه” وسيد ألمين ومحمد فال “ببها” وعبد الله عميد مدرسة ازريگ التي يعد أمحمد من فرسانها.
بدأ امحمد كما هي العادة في سن مبكرة بدراسة القرآن الكريم على ابنة عمه الناصرة بنت ابن عفان بن أحمد بن العاقل، وعلى ولدها محمد بن والد “ببا” ثم شرع في درسة النصوص المتداولة، ومن المعروف أن أمحمد لم يخرج من محيط أسرته طلبا للدراسة، فقد تلقى امحمد من عمه سيد ألمين بن محمذن الذي تولى القضاء بعد والده إلى سنة ١٣٠٩هـ وهو الذي عناه امحمد بقوله:
أخبرني بالأمس تاج العلما ،، سيد الأمين صفة وعلما
أن الربا في القسم والجهاد ،، وفي الكتابة حلال باد
ثم من شيخه العلامة محمد فال “ببها” بن محمذن الذي أخذ عنه العلوم العقلية والنقلية كما أخذ عنه الطريقة الشاذلية، ولم يطأ عليه فراشا مدة حياته لمكانته عنده، قيل له يوما إن ابنه محمذن باب يقود الجمل الذي عليه ببها في مكان يقال له “أجمور” كثير الأفاعي ولا نعل له فقال له: قد قد بعمك:
على مثل ليلى يقتل المرء نفسه ،، ويحلو له مر البلاد ويعذب
وكان امحمد بعد وفاة شيخه ببها إذا رأى أحد تلامذته يقول متمثلا:
قلت لما أتت من الشام كتب ،، والليالي تتيح قربا وبعدا
مرحبا مرحبا وأهلا وسهلا ،، بعيون رأت محاسن سعدى ..
كما أن امحمد درس جزءا من باب التركة من خليل على الفقيه محمذن بن أبا بكر الأبهمي، كما تلقى امحمد من العلامة محمذن بن علي الأبهمي ومن احبيب بن حمدن، كما أن امحمد كان يتردد بين مكتبتي جده العلامة والد ابن خالنا وكانت حافلة بكتب التاريخ والأدب، ومكتبة جده العلامة محمذن بن أحمد بن العاقل التي كانت تزخر بكتب الفقه والأصول والتي ما زال بعضها موجودا إلى يومنا هذا.
نظرا لوجود شيخه وعمه ببها لم يتفرغ امحمد للتدريس، إلا أن أكثر من أدركه أخذ عنه، كالقاضي العلامة محمذ بن محمد فال “اميي” علما، والعلامة سيد بن التاه، كما أخذ عنه الأديب الكبير أحمدو بمب بن أحمد بن ألمين بن أحمد بن العاقل، وأخذ عن أيضا أبناؤه وغيرهم.
وقد تصدر امحمد في الطريقة الشاذلية فأخذها عنه جماعة من أبناء حيه، وخلفه في الطريقة ابنه أحمدو باب بوصية منه، كما كانت لامحمد علاقة روحية خاصة مع ابن عمه قطب زمانه حمدن بن محمد فال بن أحمد بن العاقل، وهكذا مع الشيخ الكبير أحمد بن الفاللي الذي أخذ عنه الطريقة القادرية.
كما ظل امحمد فترة حياته مرتبطا بعلاقات وثيقة بالمشائخ الموجودة في زمنه كالعلامة الشيخ سيديا “باب”، وشيخ الشيوخ الشيخ سعد أبيه وابن أخيه الشيخ الطالب اخيار بن الشيخ ماء العينين، والشيخ التراد بن العباس بن الحضرامي والشيخ محمد عبد الحي بن سيد أحمد بن محمذن بن الصبار وأخيه العلامة الشريف بن سيد أحمد، ولمرابط باب ابن حمدي ابن الطالب أجود، والشريف سيد محمد أبي القاسم الإدريسي، والشريف محمد فال بن سيد محمد، والشريف العلامة والجواد محمد مولود “اباه الشريف الكبير” علما، وابن أخيه العلامة محمد بن باباه بن بدي، والشيخ العلامة محمد فال بن باب بن أحمد بيب”اباه”، والقاضي عبد الرحمن بن محمذ فال بن متالي، والعلامة الشيخ أحمدو ولد اسليمان، والعلامة حامدن بن محمذن بن محنض باب، والشيخ محمد بن عبد العزيز بن الشيخ محمد المامي، والشيخ محمد عبد الله بن تكرور الموسوي، وغير هؤلاء، كما كانت لامحمد علاقة متميزة بإمارة الترارزة وقد عايش سبعة من أمرائها.
تزوج امحمد من ابنيَّ بنت بزيد الفاضلية فأنجبت له أبناءه الخمسة: محمد باب، محمذن باب، سيد باب، أحمدُّ باب، أحمدْ باب “شماد”، وتزوج أمين بنت أحمد المشظوفية فأنجبت له ابنته الوحيدة امنيانَ.
ترك امحمد عدة مؤلفات منها: كتاب الآبار وأنظام في الأصول والتركة والشوارد الفقهية ونظم في تفسير سورة الواقعة وأنظام وتقييدات في السيرة والنحو وديواني شعر فصيح وشعبي.
توفي امحمد في شهر شوال سنة ١٣٤٠هـ -الموافق ١٩٢٢م عند “اخروفَ”، ونقل منها إلى مقبرة الميمون مرورا ب”لاشوش” فكان ابنه محمد باب يتمثل بقول امحمد:
فمرا على لاشوش نبك ربوعه ،، وإلا فبالميمون ذلك واسع”.
وإليك أخي القارئ القصيدتين المذكورتين أعلاه: يقول امحمد بن أحمد يوره في مدح النبي صلى الله عليه وسلم:
إن الذي جاءه بالوحي جبريل *** نال الربيع به فخرا وإبريل
ومنه قد نالت البطحاء معجزة *** فرد عنها على أعقابه الفيل
جاءت أبابيل قوم الملك أبرهة *** فشردت بهم طير أبابيل
ومنه طيبة قد طابت جوانبها *** وشب فيها من النور القناديل
ومنه بدر غدا بدر الكمال به *** غداة حل بأهل الكفر تنكيل
ومنه قد نيل ماقد نيل من مدد *** ومنه جيحون نال المد والنيل
ياليته كان لي في كل منزلة *** كان الحبيب بها شم وتقبيل
إني تطفلت والرحمن ذو كرم *** وللفقير على ذي الطول تطفيل
عسى بمدحي رسول الله يدركني *** نصر وفتح وتيسير وتسهيل
هذي فلوسي اذا ما الذنب أثقلني *** فهي الدنانير لي وهي المثاقيل.
ويقول في مدح النبي صلى الله عليه وسلم أيضا:
البدر عنك وتولّى آفلاً أفلا *** تذري الدموع على البدر الذي أفلا
قالوا نرى الظبي يحكيه فقلت لهم***لا الظبي يحكيه لا ساقا ولا كفلا
قالوا تغَفّله تغنم من محاسنه *** فلست تغنم شيئا دون ما غفلا
يا جافلا معرضا عمن دعاه وقد *** دعا القلوب إلى أشواقه الجفلى
أني لأحسب ودي من أود إذا *** ما قيس بالود منكم حلقة بفلا
أوصيكم ووصايا القوم عادتُها *** من دون إيجازها أن تكسب المللا
لا يامنن نيوب النائبات خلا *** من في حريم رسول اللّه قد دخلا
إنا دخلنا حريم المصطفى وكفى *** به فلا وجعا نخشى ولا وجلا
حريم من فاق كلّ الخلق منزلة *** ومن عليه كتاب اللّه قد نزلا
يا بقعة شرفت بالهاشميّ فدى *** لك الشريف وذات الرمث من أجلا
وما على العالم العلوي من علم *** وظهر بهرام واليافوخ من زحلا
ويا شفيع الورى في الهول والفضلا *** كلّ تذكر ما قد قال أو فعلا
ومن رأى ءال حرب حربه حرباً *** فما ائتسوا بأبي جهل كما جهلا
إذ جاء بالخيل مختالا ليوردها *** ماء القليب فعاف الخيل والخُيلا
أرجو بحبكم أني أكون إلى *** ما أشتهي من إلىً موصولة بإلى
وأن يخف حسابي لا أناقشه *** وتستحيل عيوبي كلّهن حلا
يا رب صل على خير الورى *** وعلى من قال ممتثلا يا رب صلّ على
يا رب صل على سيدنا محمد خير الورى وعلى آله وصحبه وسلم.
نقلا عن موقع: دروس محظرية، بتصرف