ترجمة الشيخ محمد اليدالي / محمدن ولد امد
الشيخ محمد اليدالي
هو العلامة محمد بن المختار بن محمد السعيد بن المختار بن عمر بن علي بن يحيى بن يدال خامس تشمشَ، وأمه هي الصالحة المشهورة: امبيكله واسمها فاطمة بنت سيد الأمين بن بارك الله الديمانية، ولد الشيخ محمد اليدالي سنة 1096هـ عند بئر تندكسمِّ، وهو المعروف باليدالي وبالديماني، من قبيلة اليداليين أهل العلم واليمن والبركة، ومما يعرف عند الناس أنه لم يخل حيهم في مختلف الأزمنة من اثني عشر عالما، يقول العلامة محمذ بن أَحمد بن العاقل من قطعة يمدحهم بها:
ذاك المنار وقد لاحت به دمن :: مثل اليواقيت من آل السعيدين
قوم سعيدون لايشقي جليسهم :: مقالة رويت عن ناصر الدين
همُ الجحاجح فى عز وفى كرم :: همُ البزاة همُ روض الرياحين
همُ المجاذيب همْ همُ الهـداة همُ :: همُ المشاييخ من زين الى زين
حلو الشمائل والإحسان ديدنهم :: بيض الوجوه همُ شم العرانين
بهم نفاخر أهل الأرض قاطبة :: وهمْ لعمري حماة العلم والدين.
نشأ الشيخ محمد اليدالي في بيت علم وصلاح واستقامة ويعتبر من أجل علماء البلاد علما وصلاحا وورعا، كما عرف بحب النبي صلى الله عليه وسلم وكثرة مدحه له صلى الله عليه وسلم، وكانت له صلات ثقافية واجتماعية مع أجل معاصريه وأمراء عصره، وقد تعهد له أمير لبراكنه أحمد بن الهيبه بهدية سنوية وظيفة له ولأولاده، عليه وعلى أولاده من بعده كل سنة، مكافأة له على مديحيتهالمعروفة بصلاة ربي.
قال عنه الشيخ أحمد بن الأمين العلوي في الوسيط: “أحد العلماء الأعلام،والغطارفة الكرام، وتقدم إنه أحد الأربعة الذيم لم يبلغ مبلغهم أحد في العلم في ذلك القطر، كان مشهورا بالفهم والحفظ والصلاح، وله التآليف المشهورة..”
وقال أبو عبد الله الطالب محمد بن أبي بكر الصديق البرتلي الولاتي في فتح الشكور في ذكر اليدالي: “كان رحمه الله شاعرا ناثرا، ألف تأليفا مفيدا في مجلدين في تفسير كتاب الله العزيز سماه الذهب الإبريز على كتاب الله العزيز،وله قصيدة ميمية عجيبة من أحسن القصائد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم في سبعة وأربعين بيتا خارجة عن بحور الخليل بن أحمد الخمسة عشر وعن المتدارك والخبب مطلعها:
صلاة ربي :: مع السلام على النبي :: خير الأنام بادي الشفوف :: داني القطوف
بر عطوف :: ليث همام ذاك النبي :: الهاشمي ذاك العلي :: الهادي التهامي
صلى الله عليه وسلم، تلقاها الناس بالقبول، وكذا غيرها من تواليفه الحسان،وشرحها شرحا عجيبا مفيدا، ولها بركة عظيمة وفضائل..”.
أخذ الشيخ محمد اليدالي العلم عن أكابر أهل زمنه مثل العلامة ألفغ عبد الله بن عمر الأبهمى والعلامة أحمذ بن المختار باب اليدالي والعلامة ألفغ ميننحن بن مود مالك والقاضي المختار بن ألفغ موسى والعلامة محمد الكريم بن الكوري بن سيد الفالي، والشيخ نختار بن المصطفى اليـدالي، والعلامة مسكه بن بارك الله.
أما شيخه ألفغ عبد الله فقد درس عليه القرآن ونقل عنه في كتبه وقال في مورد الظمآن في المحذوف في القرآن: بل نقتفي ترجيح عبد الله :: العالم العلامة الأواه
وقال الأستاذ محمد فال بن عبد اللطيف في كتاب الأنساب: “وكفى ألفغ عبد الله فخرا أن الشيخ محمد اليدالي كان تلميذا لـه صرح بذلك في كتبه كفرائد الفوائد لقبه فيه ضياء الدين وقد أدرك من عمره أربع عشرة سنة وذكر اليدالي أن سبب الفتح عليه أن شيخه ألفغ عبد الله أدخله يوما في البئر المسماة تنوبك يطلب سطلا لـه سقط فيها فسقطت على اليدالي البكرة وهو في قعر البئر فشجت جبهته شجة منكرة وقال لـه ألفغ عبد الله سيبلغ فيك الفتح ما بلغت تلك الشجةوكان اليدالي يقول لقد بلغت بتلك الشجة ما شاء الله وكان ألفغ عبد الله لا تأخذه في الله لومة لائم آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر قال اليدالي في النصيحة واعلموا أن باب الأمر والنهي قد ضيع أكثره بعد مشائخنا المرحومين الصالحين أبو محم والطالب أجود وعبد الله بن عمر اليزيكذي.”،
وأما أشفغ ميننحن فقد قال اليدالي في شأنه: ” لم أذق حلاوة الوالدية بعد والدي إلا منه رحمهما الله تعالى وجعل الجنة مثواهما”، وكان يثني عليه ويجله كثيرا ومن وصفه له: “كان أقضى القضاة وسيد الهداة وسيد الحكام، خاتمة الأعلام، يرجع إليه عند التباس الأوهام بالأفهام، بركة الزمان، محيي الإيمان..”إلى أن يقول: “فقد نلت والحمد لله في الدنيا من بركته وعلمه وأخلاقه، وأنا أرجو في الأخرى شفاعته”.
وأما القاضي المختار بن أشفغ موسى فقد ذكره في أمر الولي ناصر الدين بقوله: “أخبرني محمد بن المختار بن موسى قال عن أبيه شيخنا المذكور”.
أخذ الشيخ محمد اليدالي الشاذلية عن ابن عمه نختار بن المصطفى بن محمد سعيد، الذي مر في طريقه إلى الحج بسيدي أحمد الحبيب السجلماسي ومكث معه سنة، وأخذ عنه الطريقة الشاذلية، وأدخلها إلى بلاد الكبلة، وقد أخذ سيدي أحمد الحبيب السجلماسي الطريقة عن سيدي أحمد بن عبد القادر الذي أخذها عن سيدي محمد بن ناصر.
وممن أخذ عن اليدالي ابن عمه ألما بن المصطفى بن محمد سعيد وهو المعروف بـ ألما العربي وألما الشاعر، ويروى أن اليدالي قال مرة لتلميذه ألما العربي وكان معجبا به إنه هم أن ينزع له عمامة الشعر غير أنه تذكر بيتين من قصيدة اليدالي الميمية المشهورة:
حسن بدئي واختتمامي :: بك يا خير الأنام
والبيتان هما:
فدم الفجارِ جار :: ونجيع الهامِ هامِ
كامل الأوصاف صافٍ :: وافر الأقسامِ سامِ
وقسئل العلامة سيدي عبد الله ابن رازكه عن أشعر زوايا القبلة فقال لا أدرى إلا أن القائل: آيات طه = ليست تباهى = ولا تناهى = على الدوام
لا يباهى هو أيضا ولا قيل مثله في القبلة.
وممن أخذ عن اليدالي كذلك العلامة وَالدْ بن خَالُنَا الأبهمي الديماني، وهو تلميذه الوحيد الذي تخرج على يده في العلم الظاهر والباطن، وتأثر به كثيرا وقال عنه في آخر كتابه كرامات أولياء تشمش: “ولا يستنكر على من ادعاه منهم فإن الله على كل شيء قدير ويخص من يشاء بما شاء قلت فما ظنك بالولي السعيدي اليدالي إذ هو نتيجة هؤلاء القوم وثمرة بنى بارك الله فيهم المذكورين آنفا فهو ثمرة الفريقين على ما حواه هو إذ هو ولي الله وصاحب كشف جامع بين الظاهر والباطن ملك بالنهار وراهب باليل كما ترون وتعلمون نفعنا الله ببركته وبركة أمثاله آمين يارب العالمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، الحمد لله الذى بنعمته وجلاله تتم الصالحات.”
ويروى أن اليدالي سمع ذات ليلة والدا يترنم ببيت المتنبي:
ومن الخير بطء سيبك عني :: أسرع السحب في المسير الجهام
فقال: إن ابن خالنا هذا استعجل “اطليصَ” يعني الإجازة.
وكان الشيخ محمد اليدالي ظاهر الكرامة صادق الكشف، وهو من الكمل السبعة الذين أخبر بدر الزمان وقطب ذوي العرفان الشريف الولي سيد محمد الشريف الصعيدي أنهم سبقوه في هذه الأرض، وهم: اندكسعد وحمدي بن الطالب اجود وآب بن المختار بن ألفغ موسى والمختار بن ألفغ حيبل ومحمد اليداليوناصر الدين وألفغ اوبك، كما في لطائف التعريف في حياة سيدي محمد الشريف للقاضي الشريف محمد ابن عابدين.
وذكر العالمان الديمانيان سيد أحمد بن اسمه والمختار بن حامد جملة من كراماته نقلا عن السند العالي في مناقب اليدالي للنابغة الغلاوي، يقول ابن حامد: “فمن المختار بن محمد سعيد، محمد اليدالي بن المختار بن محمد سعيد قال فيه النابغة الغلاوي في كتابه السند العالي في مناقب اليدالي: “كان عالما دينا هينا لينا عارفا بالله تعالى صوفيا مطبوعا على العمل والتأليف ألف وهو صبي ولم يبلغ الحلم، حسين الخلق رفيقا بالخلق كثير العفو عنه شديد المحبة للنبي صلى الله عليه وسلم له عليه قصائد كثيرة..
ومن كرامته: أنه لم يبتله الله طول عمره بالقضاء مع سعة علمه وتضلعه من علمي الحقيقة والشريعة وكان مفتوحا عليه في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن العظيم فيقرأ دلائل الخيرات نحو سبعين مرة في أسرع وقت ويختم القرآن في ركعتين ثم يسرع في تأليفه وكان إذا احتاج في التأليف إلى خزانة طالعها في يومين ثم يردها إلى أهلها عن قريب، وذكر بعض الثقات أنه إذا أخذ في قراءة القرآن لا يمر بحشيش أو حجر ولا مدر إلا وقبضه بيده ليشهد عليه بذلك. وكان إذا آوى الناس إلى مراقدهم بالليل أوقد شمعته ويبيت يؤلف إلى طلوع الفجر. وكان عنده نضو سريع إذا رحل الناس شد راحلته عليه وأخذ بزمامه وجلس تحت شجرة وشرع في تأليفه حتى إذا قطع الناس ميلا طوى كتبه وجمع آلاته وركب وأجراه إلى أمام الناس. وهكذا إلى أن ينزلوا وكانت تخرق له العادات في نقل التآليف فيكتب كراستين أول النهار وكراستين آخر النهار وكان يقول على وجه الإخبار لا على وجه الإفتخار: إنه لو لم يكن بدويا بأن كان حضريا لألف قدر ما ألف السيوطي أخبرني به غير واحد ..
ومنها أنه أخذته فتيةٌ ذات يوم فغمض عينيه اثنان منهم قويان ثم أخذ باقيهمنص خليل ففتحوه فسألوه عن المدرك الذي فتحوا فأخبرهم فلم يزالوا يفتحون الكتاب ويسألونه إلى أن أكملوا نص خليل وهو يخبرهم بما فتحوا عنه مكاشفة وكانوا بعدُ يقولون في شأنه: فهل يسأل عن خبر اليدالي بعد عشية الكتاب.
ومنها أنه جاءه والد الديماني ذات ليلة فسأله عن كتاب ينظر فيه كلمة فأخذوا له الكتاب فجلس وراء ظهر الشيخ ففتح والد الكتاب فمد اليدالي يده وراء ظهره فقلب ورقتين ثم وضع إصبعيه على كلمة فقال له يا والد كلمتك التي تطلب هذه فنظرها والد فإذا هي كلمته بعينها فتعجب من كشفه..
ومن غريب أمر اليدالي إبل لِحْسَيْكَ التي جاءته وفي أوبارها أوراق شجر لحسيكه وهو شجر لا ينبت في هذه البلاد فأعرض عنها معتبرا أنها من ضالة الإبل فلم تزل تعرض نفسها عليه حتى فهم و ثلج صدره إلى أنها هبة من الله تعالى وبقي نسلها إلى تاريخ قريب، ويروى أن أحمد لمجد بن محنض بن الماح قال إنه لا يعطيه أحد شيئا إلا وكثر عنده، فأهدى له محَمّدْ اليِـدّالِيّ بعيرا فحلف بالله إن ابن المختار بن محم سعيد هذا سيجد الإبل من حيث يعلم ومن حيث لا يعلم، فجاءت إبل لحسيكه المعروفة.
وكان أحمد لمجد رجلا صالحا قال العلامة المختار بن جنكي اليدالي في نظم المدافن:
ببئر أمسدوغَ ذو القرآن :: أوبي وأَحمد لمجد الربانى.
وللشيخ محمد اليدالي الكثير من المؤلفات المفيدة ومنها: الذهب الإبريز في تفسير كتاب الله العزيز الذي أنهاه سنة 1160هـ تقريبا ويعد هذا التفسير أقدم تفسير موريتاني، وقد طبع في 7مجلدات وقد حققه حفيد المؤلف الأستاذ الراجل بن أحمد سالم اليدالي الأمين العام لزاوية الشيخ محمد اليدالي وقد استفدت كثيرا من ترجمته له فيه وفي خاتمة التصوف، ومن مؤلفاته أيضا الحلة السيرافي أنساب العرب وسيرة خير الورى، وخاتمة التصوف التي منها نظم الشيخ أحمدُّ بمب نظمه المسمى مسالك الجنان كما في “ذات ألواح ودسر”، ومنها شيم الزوايا، وأمر الولي ناصر الدين، ونصيحة تشمش، والمربي على صلاة ربي،وشرح أسماء الله الحسنى، والوسيلة الكبرى في إصلاح الدين والدنيا والأخرىوقد يطلق عليه وسيلة السعادة في الصلاة على النبي صلى الله عليه، وواضح المذاهب وهو نظم في نسب آل البيت، وقواعد العقائد، وفرائد الفوائد في شرح قواعد العقائد، وتقريب المعاني في علوم البديع والبيان والمعاني، وتاليف “اللفعه”وهي سمة نالها من شيخه الفقيه ميننحن بعد أن ختم عليها القرآن مرات كثيرة.
ومن نظم بغية السائلين عن بعض مآثر اليداليين للعلامة أحمدُّ بن اتاه بن حمينَّ:
من السعيد وابنه المختارِ :: محمد اليدالي ذي الأنوارِ
ألف في التوحيد والتفسير :: وغيرها في الزمن اليسير
وفاق في مدح النبي وحبهِ :: وحب آله وحب صحبهِ
وما من الخصوصيات أُعطي :: فإنني لذكره “متْخَطِّ”
فإنه أكثر من أذكرهْ :: ولتنظر “الوسط” في ذاك ترهْ
وقال قد نظرت بالعينين :: الكتبَ في العالم غير اثنين
لم أدر هل أصاب ذين حرقُ :: أم غرقا، وذا لِعادٍ خرْقُ
يعني بالوسط كتاب الأستاذ محمذن بن باباه: “الشيخ محمد اليدالي ووسطه الإجتماعي”.
وقال سيد أحمد بن اسمه في كتابه المذكور: “من أجل تواليف بني ديمانتواليف اليدالي وهي كثيرة قال النابغة الغلاوي في كتابه النجم الثاقب:”أخبرني بعض الثقات أنها تبلغ الخمسين وأخبرني زين أنها تزيد على الثلاثين”اهـ.”، وقال النابغة أيضا: “وقد وقفت على جملة منها تدل على سعة علمه وكثرة نقله وتبحره في سائر العلوم المعقولة والمنقولة”.
ولليدالي فتاوى شرعية في نوازل مختلفة، وبلغ ديوانه الشعري 1600 بيتا حققه الأستاذ الأمير بن آكاه، ترجم له فيه وفي تحقيقه لنظم مدافن تشمشَ وهو من مراجعي ههنا.
ومن أشهر قصائده قصيدته في مدح القرآن وحبه وخدمته أثبتها في تفسيره ومطلعها:
إِنَّ هَمِّي كِتَابُكَ الْمُسْتَبِينُ :: يَا إِلَهِي يَا مَنْ بِهِ نَسْتَعِينُ
أَنَا مِنْ خَادِمِيهِ وَالْمُسْتَحِقُّ الدَّ هْرَ لِلخِدْمَةِ الْكِتَابُ الْمُبِينُ
حُبُّهُ فِي قَلْبِي وَخِدْمَتُهُ مَا عِشْتُ دَأْبِي وَدَيْدَنٌ لِي وَدِينُ
وقصيدة صلاة ربي التي يقول عنها: “هذه القصيدة لها فضل عظيم وبركة ولا يستنكر ذلك في جنب بركته صلى الله عليه وسلم، وقد وجدت لها بركة في مواطن كثيرة منها أني ركبت في بعض سفن النصارى قاصدا أكادير دوم لأطلع على بعض عجائبه فسرنا حتى أقبل الليل فهاجت ريح شديدة كادت تكسر السفينة حتى كادوا أن يوقنوا بالهلاك فصاروا يستغيثون من شدة ما نزل بهم وأنا وحدي في جانب من السفينة لا يعبأ بي ولا يعرفني أحد منهم ولا أعرفه حتى جعل واحد منهم يردد هذا البيت:
صلاة ربي = مع السلام = على حبيبي = خير الأنام
فقلت له: أتعرف قائل هذا البيت قال قائله زاو من أهل القبلة لا أعرفه فقلت له:أنا قائله وأنشدته بعض القصيدة فأقبل علي أهل السفينة كلهم فجعلوا يسألونني عن نفسي وعن شأني فأخبرتهم ثم جعلوني في موضع من السفينة لا ينالني فيه شر فمن حينئذ نالتني بركة النبي صلى الله عليه وسلم ثم سكنت الريح وهدأت والحمد لله وبتنا سائرين إلى أكادير دوم فحملوني على أعناقهم إلى البر ولم يبتل مني ولا من لباسي شيء فدخلت القصر وأقبل علي أهله بالإضافة الحسنة والإكرام والتعظيم وأنواع التحف والهدايا والكاغد الشاطبي مما لم أحتسب ولم يخطر لي ببال وذلك كله ببركة ممدوح القصيدة صلى الله عليه وسلم، وأطلعني النصارى على بعض عجائب أكادير دوم ودعوت رئيس النصارى للإسلام فلم يسلم ولم يبعد منه رزقنا الله الإيمان ودوامه إلى الممات ويسر الله لي من حملني ومتاعي على جمل إلى أهلي.”
ويشير صاحب هذه الصفحة إلى بعض مؤلفات الشيخ اليدالي والعلامة الصالح البركة الورع محمد سالم بن المختار بن ألما، من قصيدة يذكر فيها بعض مآثر اليداليين:
هي “الذهب الإبريز” والجوهر الذي :: نباهي به أهل القرون السوالف
وفيها “المربي” منقذ من ضلالة :: بهدي لطه المصطفى غير حائف
ونيطت عليها “حلة” معنوية :: يشع سناها ساطعا غير خاسف
وفيها “الرقى” للمستهام بحبها :: وفيها لقا المحبوب رهن التعارف
وكشف حجاب الجهل ثمة واضح :: بسيل لأنهار المعارف جارف
“فوائد من حلي البديع فرائد” :: بها “ختم الإحسان” عند العوارف.
ومن تلك القصيدة:
همُ ما همُ إلا هداة مشائخ :: يصلون ما بالوا بقطع المعاطف
وما لمصل غير أنظام فقههم :: وما لمزك غيرها من مساعف
وجذوة مصباح اللغى سلك نظمهم :: إلى غير ذياك النظام المضاعف
ولم يك مثل القوم في العلم والهدى :: وأنجالهم أمثالهم في المواقف
هم السند العالي لكل فضيلة :: وعقد لآلي المكرمات اللطائف
وما منهم إلا سعيد موفق :: دؤوب على الخيرات زين الطوارف
وشق لهم طبل الأمير فهينمن :: بذكر خلال لاهجا بعواطف
فذكرهم مغني اللبيب بنظمه :: وبالنثر والمعروف رد العوارف.
توفي الشيخ محمد اليدالي سنة (1166هـ) بعد أن عاش سبعين سنة، ودفن ب”انتَوْفّكْتْ”، ومعناها: ذات الشمس، قال العلامة الشاعر امحمد بن أحمد يوره عند كلامه عن انتوفكت: “وبها المقبرة التي فيها سيدنا وقدوتنا وشيخ أشياخنا سيدي محمد بن سعيد اليدالي مؤلف الذهب الإبريز في تفسير كتاب الله العزيز”.
ويقول العلامة أحمد بن اجمد مؤرخا لميلاد الشيخ اليدالي ووفاته:
قَدْ وُلِدَ الْيدالِي عَامَ “وضْـــشِ” :: وبَعْدَ سَبْعِينَ ضَجِيع نَعْشِ
مِنْ بَعْدِ مَا أَنْهَى كِتَابَهُ الذَّهَـبْ :: بِوَاوِ أَعْوَامٍ إِلَى الله ذَهَبْ.
ولليدالي ولدان هما: المختار سعيد “التاه” ومحمد السعيد “أواه”، وتسع بناتوفي ذريته الصلاح والعلم واليمن والبركة، ومما منَّ الله به عليّ أن لليدالي علي ولادة والحمد لله تعالى من طريق بناته: عيشه وحنَّ وامباركَ اعلينَ، رحمهم الله تعالى برحمته الواسعة.
وهذه قصيدة الشيخ محمد اليدالي في مدح القرآن الكريم وحبه:
إن همي كتابك المستبينُ :: يا إلهي يا من به أستعينُ
أنا من خادميه والمستحق الدهر للخدمة الكتاب المبين
حبه في قلبي وخدمته ما :: عشت دأبي وديدن لي ودين
فهو الدهر ملجئي وقريني :: فلنعم الملجا ونعم القرينُ
وهو حصني ومأمني وإذا ما :: خضت بحر الخطوب فهْو السفينُ
إن من لاذ واستجار به فهْو بماموله حرٍ وقمينُ
ذلك القرآن العظيم الذي جاء به الصادق النبي الأمين
ذلك القرآن العظيم الذي فيه أتانا هدى ونور مبين
ذاك تنزيل من حكيم حميد :: وهْو حرز لنا وحصن حصين
وهْو نورٌ هدى كتاب عزيز :: عروة وثقى وهْو حبل متين
الكتاب الذي من الْحدَ فيه :: فله النار والعذاب المهين
الكتاب الذي من اوتيَه تصلح دنيا له وأخرى ودين
وله رضوان العلي ونعيم :: وله حور في الفراديس عِين
الكتاب الذي به المرء يغدو :: بديانات المسلمين يدين
وبه سدفة الغواية تجلى :: وبه الدين والهدى يستبين
وبه تكشف الكروب سريعا :: وبه منهج النبي يبين
وبه تشرح الصدور وتشفى :: وبه قسوة القلوب تلين
وبه تغفر الذنوب وتجلى :: كُرب المشتكي ويسلو الحزين
وينال الشفا به والأماني :: والكرامات والتقى واليقين
وبه الرشد والقلوب به يجلى صداها وما عليها يَرين
وبه يصرف البلا ويغاث المستغيث اللهيف والمستكين
رب إني به إليك توسلت فغوثي كتابك المستبين
فاهدني في تفسيره للهدى والحق يا من يهدي ويا من يعين
وأعني يا ذا الجلال عليه :: وأعن من يعينني يا معين
يا إلهي واجعله لي شافعا لا :: ماحلا للفعل القبيح يُبين
إذ هو الشافع المشفع حقا :: وهو الماحل الذي لا يَمين
واجعلنه جلاء همي وحزني :: واجعلني به دواما أَدين
رب واجعله صاحبي وأنيسي :: وخديني في القبر نعم الخدين
واكفنا الشر والبلايا جميعا :: وأجرنا من كل خطب يُهين
رب وافكك أسري ورهني فإني :: بذنوبي مكبل ورهين
رب لا تجعلني أجازى بجرمي :: لا أكوننْ أُدان كيف أدين
لا تُحني بشؤم ذنبيَ في يوم شديد فيه العصاة تَحين
رب جدلي باللطف منك إذا ما :: ضم جسمي راء وميم وسين
لا يكن لي في موقف الحشر ربي :: فزع أو عين وطاء وشين
وبِيَ الطف دأبا ولا سيما إن :: حل بي ما لا بد أن سيكون
وعلى الخير قَوِّني وعلى البر فأنت البر القوي المتين
واهدني للهدى وبيِّنه لي أنت الذي توضح الهدى وتُبينُ
واقض عني تفضلا تبعاتي :: وديوني طرا فإني مدينُ
رب واستر دفائن السوء مني :: يوم يبدو الخفا ويجلى الدفين
لا تهن شيبتي فأنت الذي تكرم فضلا من شئته وتهين
مستجيرا بمن بقلبي إليه :: أبدا شوق دائم وحنين
أحمد المصطفى الممجد طه :: الهاشمي الهادي الوجيه المكين
صلِّ دأبا عليه ربِّ وسلم :: ما بدا شارق وسال مَعينُ.
وهذه قصيدته المشهورة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم “صلاة ربي”:
صلاة ربي= مع السلام=على حبيبي =خير الأنام
بادي الشفوف =داني القطوف= بر عطوف= ليث همام
ذاك النبي= الهاشمي= ذاك العلي= الهادي التهامي
ذاك الرفيع= الغوث المنيع= ذاك الشفيع= يوم القيام
عين الكمال= عين الجمال= قطب الجلال= قطب الكرام
نافي الضلال= ضافي الظلال= صافي الزلال= لكل ظام
جم الخصال= جم المعالي= جم النوال= نداهُ هام
زين الخلال= زين الرجال= زين الفعال= زين الأسامِي
عالي المنار= عالي الفخار= عالي النجار =عالي المقام
بدر السعود= وافي الوعود= وافي العهود= وافي الذمام
قطب الوجود= مغني الوفود= مدني الأسود= من الحمام
هادي العباد= هادي الأيادي= جالي الأعادي= جالي الظلام
حام الحقائق= غوث الخلائق= صافي الخلائق= كافي الزُّنام
أسنى الوسائل= أسنى المحافل= مسدي الجلائل= مردي اللئام
طود الجلاله= بادي البساله= نجم الرساله= بدر التمام
سهل السجايا= جم المزايا= بين البرايا= وسط النظام
مبدي العجائب= مهدي الرغائب= له كتائب= أُسد اللّطام
سود الوقائع= خضر المرابع= بيض الشرائع =حمر السهام
وجه جميل= طرف كحيل= ظل ظليل= على الأنام
فخر أصيل= مجد أثيل= خد أسيل= في الفخر سام
عز قديم= هدي قويم= وجه كريم= على السلام
جاه عظيم= مجد صميم= جود عميم= بلا انصرام
خَلق صبيح= خُلق مليح= نطق فصيح= أسنى الكلام
ليث جريء= غيث مريء =غوث بريء= من كل ذام
هادٍ أمين= حصن حصين= حبل متين= بلا انفصام
ناء مداه= هام نداه= مول عداه= حد الحسام
ذو المعجزات الــ=مبينات الــ=محَكمات الــ=غر السوامي
أبدى الإله= سنا حلاه=زارت علاه =ظبي الموامي
والذئب عنا =والجذع حنا=له وأنا =كالمستهام
والبدر شُقّا= لمن ترقى=وبات يلقى= بالإحترام
والصخر سلم =والجو أظلم=له تكلم= موتى الرجام
والبئر فارت= والسرح سارت= دعى فصارت= خصبا أزام
والشاة أبدت= والشمس ردت= له أُعدت =دار السلام
والضرع درَّا =والوحش قرَّا=له أقرا =ضب الأكام
والجذع خارا =والغيث فارا=لمَّا أشارا =إلى الغمام
آياتُ طه =ليست تُباهى=ولا تناهى= على الدوام
قلبي لديه= شوقي إليه=يزكو عليه= أزكى السلام
ماالدهر لاحت= ذكى وفاحت=صبا وناحت= ورق الحمام
على الإمام =أعلى الأنام= أنمى السلام =من السلام
إني لشادي =خير العباد=راجي أياد =منه عظام
يامن حباه= بما حباه= ثم اصطفاه= هب لي مرامِي
رب امحُ عني= ماكان مني= سوءًا فإني =بك اعتصامي
وحط ذنبي =وأحي قلبي= فأنت ربي= محي العظام
كفّر ذنوبي =واستر عيوبي= واكشف كروبي= واغفر أثامي
حقق منانا= فيك امتنانا= واغفر خنانا= بذا الإمام
قنا البلايا= وافتح لنا يا= جم العطايا =سُبل السلام
وارزق لنا يا= باري البرايا=عند المنايا =حسن الختام.
نقلا عن موقع: دروس محظرية، بتصرف