الدرة البهية في الذب عن خير البرية / الشيخ ولد حمدي
يا حاقد الإفرنْجِ يا مَكرونُ – عليك لَعْنٌ بالردى مَقرون
أَبَنْتَ عن وُجَيْهِك الصفيقِ – و عن دَفِين حقدك العميقِ.
فلم يَزَلْ لسانُك الخبيثُ – بما ادَّعَى من قِيَمٍ يَعِيث.
ولم تزَلْ بفعلك القبيحِ – تَدوسُ كلَّ مَنطِق صحيحِ
إنَّ طِباعَ السوء ليسَ يَنفعُ – في سِتْرها التمثيلُ و التَّطَبُّعُ.
والكلبُ إن زَأَرَ في الصباح – يعودُ في المساء للنُّباح.
والذئبُ إن أظهر يوما وَرعَا – أقصرْ به من وَرَع لِمَنْ وَعَى.
و أنتَ يا مكرونُ يا مفتونُ – عليك لعْنٌ بالردى مَقرونُ
تُحاربُ الاسلام في صَفاقَة – هل لك يا غِرُّ بذاكَ طاقة؟
ألست للتاريخ و الأحداث – تقرأ يا أُحَيمِقَ الأحداثِ؟
أتُحْجَبُ الشمسُ بِكَفٍّ أمْ تُفَلْ- بِنطْحَةِ القُرونِ صَخرةُ الجَبلْ؟
كمْ حارب الاسلام قبلُ ذو حَنَقْ- فظهر الاسلام وانجَلى الغَسقْ.
و ظلَّ دينُ الحق في انتشار – و منطقُ الضلال في انحسار.
و آبَ بالخيبة و الخسران – من كادَ للاسلام و الايمان.
كيفَ لدينٍ خاطب العقولا – و فتح القلوبَ ان يزولا
حتى يعمَّ نورُه الأرجاءَ – و يُسعدَ اللهُ به من شاءَ
فَلْتَقْنَ راحَتَكَ يا مكرونُ – عليك لَعْنٌ بالردى مَقرونُ
أوْ لِتَمُتْ بغيظِكَ المُسْتَعِرِ – إنَّ شَّفا أهلِ الهوى في سَقَرِ.
إنْ تَتركِ الحبلَ لِشرْلْ إِبْدُو – تفعلُ ما يَحْلو لها ويبدو
إساءةً لسَيِّدِ الأنامِ – فتلكَ قِدْما عادةُ اللئامِ
إن يعجَزوا عن القِراعِ بالحُجَجْ – لَجُّوا عُتُوًّا وتَمادَوْا في اللَّجَجْ
و استهزأوا ليصرفوا الأنظارا – عن مَهْيَعِ الحق الذي استنارا
و حاصروا فكرَ الضعيف الجاهل – وخلَطوا حابلهم بالنابل
و ليسَ يَخْفى خَلْطُهم عن ذي الحِجا – إذْ فيهِ ما فيهِ من افْعالِ المَجَا…
إن الحبيب المصطفى المُكرَّما / صلى عليه ربنا و سلما.
جَلَّ مَقاما في الورى وخُلُقا / و انْداحَ في الكَونِ هُداه ألقا
و لامَستْ بشاشةَ القلوبِ / رحمتُه للعالَم المنكوب
إذْ جاء و الظلام في المعمورة/ خَيَّمَ و النفسُ به مغمورة
جَورٌ وجهلٌ و خَنًا مَرذول /ما ثَمَّ عاذل ولا معذول
و نَعَراتٌ في البلاد تَنهَشُ – منها الحليم قد تراه يُدهش
فنظر اللهُ لِذا الخَلْق العَدَمْ -فَمقَتَ العَرَبَ منهم والعَجَم
إلا بقايا للهدى الحَنيفي – لم تَرْضَ بَيْعَ دينها المُنيف
بعَرَضٍ من الحياة فاني – مِن بَعده الآهاتُ في النيران
فبعث الله الكريم أحمدا – فطاب بِعثةً وطابَ مولدا.
إذْ بعثَ القلوبَ من مَواتِ – فَوُلِدَ الهُدى وبانَ الآتي.
بالوحي جاء رحمة للعالمينْ -و سيفَ حقٍّ مُصلتا للظالمينْ.
مُتَمِّمًا مكارمَ الأخلاق – و هو أتَمُّها على الإطلاق.
يامُرُ بالعدل وبالإصلاح – والرفق و الطلب للفلاح.
و الصدق و البر و بالأمانة -و رأسُها التوحيدُ في الديانة.
من لم يُوحدْ ربَّه عِبادَة – فَعِلمُهُ واللهِ ما أفادَه
كيفَ يَصِحُّ عند ذي عقل رشيدْ – صرفُ العبادة و إشراك العبيدْ.
هل شاركوا في الخلق والتدبير – والأمرِ و التقريرِ للمصير
كمْ ضلَّ بالتثليثِ والأوثان – و النارِ و الأفلاكِ من إنسان.
لم يَستنِرْ بشِرْعَة المعصوم – من زَلَقِ التقليد والفُهوم .
قد جاء بالمَحَجَّة البيضاء – نبينا بوجه الوضاء
صلى عليه ربنا ومجدا – ومن يَحِدْ عن نهجها فما اهتدى
قِوامُها الرحمةُ بالعباد – و العدلُ و الإحسان في البلاد
والسعيُ للمصالح اجتلابا – والدفع للمفاسد اجتنابا.
و الحكمةُ التي لكل أمْر – بها تَعلُّقٌ و إن لم نَدْرِ .
هذي رسالةُ النبي الهادي – لا ما ادعاهُ جاهل مُعادي
من ربطها بالعنف والارهاب -و الكبْت والتشديد والخراب.
و خلفَ هذه الصفات يستَتِرْ – قلبٌ من الإنصاف خاوٍ مُنقعِرْ
أو حاقد من غيظه مَكْوِيُّ – فؤادُه عن الهدى مَلوِيُّ
و ربُّنا مَنْ لمْ يُرِدْ هِدايَه – له فما له سوى الغواية
والغربُ إن تَجذَّرتْ عَداوتُهْ / لِمِّلةِ الهُدى وبانتْ غايتُه
فمنهمُ ذوو عقول أَنصَفوا / بقولهمْ دينَ الهُدى واعترفوا
بفضله وانبهروا بالمصطفى /صلى عليه ربنا و شرفا
ونحنُ إذْ نَسوقُ هذا القيلا / من هؤلا لا نبتغي تدليلا
إذ حسبُنا الحديث والفُرقان / ما بعدَ ذا لمُبتغٍ بُرهان
و إنما نُلفِتُ عينَ المُعجَب/ بهؤلا لقولهمْ في الكتب.
و قد أسُوقُ القولَ بالتصرف/ لغاية النظم بلا تحرف
…………………………..
الخالدونَ مائةٌ والأعظمُ/ محمد صلى عليه الأكرم.
وَسْمُ كتابِ عالم الأفلاك / قد قالها عن كامل الإدراك
وقال في التاريخ ليسَ يوجد/ أسمى نجاح مِثلُه يُوَحِّدُ.
شأنَ الحياة و شؤون الدين / كما استقام للنبِي الأمين
صلى عليه ربنا وسلما / ما طابَ شُرب الماء في حَر الظما
…………………………..
أرحَمُ أهلِ عصْره و أدْيَنُ – أزكاهُمُ أخلصُهمْ و ألين
أنصَفُ في الحُكم و في النزاهة- تعبيرُه عن فكره بداهة
أشدهم حفظا وصونا للزمامْ – وَجَّهَهُمْ في أمرهم إلى الأمامْ
أسَّسَ دولةً لهمْ لم يَحلُموا – بها ولا تزالُ أمْنا تَنْعمُ
محمد صلى عليه ربنا – ما افْتَرَّ ثغرٌ بالسرور والهَنا.
أعظِمْ بها شهادةً مُسَطَّرة – بالصدق تعلو في السما مُنَوَّرة
هَزَّ بها المستشرق الفرنسي- ”إدْوَارُ مُنْتَهٍ” عميقَ نفسي.
…………………………..
إن كان بالسُّمو في الغايات _ والناتجِ المذهل في الحياة
معَ ظهور قلة الإمكان _ تقاسُ عبقرية الإنسان
مَن ذا الذي يَجرؤ أن يُقارِنا – أيَّ عظيم في الزمان وازِنا
بذا النبيِّ العبقريِّ القائدِ – لِثُلُثِ العالَم بالعقائد
مُحَطِّم الأنصاب و الأزلام – مُبَدِّدِ الضَّلال و الأوهام
محمدُ الداعي إلى الفلاح – صلى عليه فالقُ الإصباح
قد قالها ذو الشُّهرة المُبينُ – مُفكر الإفرنجِ ”لامرتين”
…………………………..
لمْ يَرَ حتى اليومِ هذا العالُمُ – رجُلَ حق في الثبات يُلهِم
يُحَوِّلُ القلوب بالإتقان- من حَوزة الأصنام للديان
مثلَ محمد عظيم الشان – صلى عليه مُنشئ الأكوان
لو لم يَكنْ بالصدق والأمانة – قد عرَفَ القومُ الذي قد زانَهْ
منها لما صَدَّقَهَ القريبُ __ أحْرى و إنَّ شأنه عجيبُ.
إذْ جاءَهُمْ بخَبَر من السماءْ — وهُمْ هُمُ من الهوى و الكبرياءْ.
اختاره الله على عناية — وحاطه بأحسن الرعاية
مذ كان شِبلا ثُم حينَ شبَّا — كان لعزلة يُرَى مُحِبَّا
حتى تأهَّلَ لحملِ الثقَلِ – أعظِمْ به أعظِمْ به من رجُلِ
شهادةٌ تَلذُّ في الأسماع – من فيلسوف العَقْد الاِجتماعي
ذو الشهرة المدعُوُّ “جاكُ رُوسُو” – لصدقها فَلتُرفَعِ الرؤوس
…………………………..
من بعدما قرأتُ دين أحمدِ -أحسَستُ والإحساس خيرُ مُرشِد.
بأنه دينٌ عظيمُ القدْرِ – و سَيسودُ مثلَ نور البدر
كل البلاد ذات يوم مُقبِلِ/ حتى يَبِينَ نورُه للأحوَل.
من دونما تَعصُّب قبيحِ/ لا ينتمي للمنطق الصحيح
شهادةٌ من كاتب الإنگليز / “بِرْنَرْدُ شُو” كالذهب الإبريز
…………………………..
إنْ قِسْتَ صاحِ قيمةَ الرجال / بفعلهم جَلائلَ الأعمال
فأحمدٌ أعظمُ مَن قد عَرَفا / تاريخُنا مِن هؤلاء وكفى
صلى عليه ربنا و سلما – بما أبانَ من هُدى و علَّما
شهادةٌ يَزينُها الانصاف – سَطَّرَها كاتبُهم ”جُوسْتافُ”
…………………………..
مُؤرخُ الإفْرنْج والطبيبُ – ليْتَ عقولَهم بها تُهِيب
يَكفي محمدا صلاةُ الباري/ عليه، من قَلائدِ الفَخار
تَخليصُه لأمَّةٍ على شَفَا/ من ذِلة و من خَنا و من حَفا
وفتحُه الطريقَ للتقدم / وللرُّقِيِّ فوقَ كل الأمم
شِرعَتُه لا شك هي السائدة/ لحُكْمِها طبْقَ العقول الراشدة
شهادةٌ عنها أديبُ الروسِ / مُحبِّرُ الجَمالِ في الطُّروس
ذو الصيت “تُولْسَتُويُ لِيفُ ” عَبَّرا / فَيَا لَصِدق ما له قد حبَّرا
…………………………..
بعد قراءتي لسيرة الرسولْ – و جَدْتُ نفسي والحقيقةَ أقولْ
تهفو تَطلعا إلى المزيدِ _ من سرِّ هذا الرجل الفريد
كُلِّي قناعةٌ بأن دينَهْ – لمْ يَجْعلِ السيفَ له قرينة
ولا و سيلةً للانتشار – بل ببساطة النبِي المختار
دِقَّتُه و صِدقُه إذا وعدْ – ثِقَتُهُ بربهِ المَولى الصمدْ
و بالشجاعة وبالتفاني – الاِخْلاصِ للأتباع والأعوان.
بذي الصفات مَهَّدَ الطريقا – فكانَ بالمجد السنِي خَليقا
صلى عليه ربنا الرحمن – ونالنا بذكره الرضوان
تلك شهادة زعيم الهند – مُقاوِمُ الإنكليز فيهم “غَانْدي”
…………………………..
هذا و إنني لدى الختام- أرجو الشفاعة بذا الكلام
و السترَ والغفرانَ للذنوب – و محوَ ما في النفس من عيوب
عسى بمثلِ قولِيَ المُهَلهَلِ- أُحْرِزُ ما لمْ تُحرِزِ الفِعالُ لي
فَربِّيِ الكريمُ كيفَ أقنطُ – و إنْ ظللتُ كلَّ يوم أسقُط.
فَلي بفضلهِ من العَثار – إقالةٌ تَنفُضُ من غُباري
وأملٌ يزدادُ كلَّ يوم – أعيشُ في سَناهُ بين قومي
مرفوعَ رأسٍ بالهدى المُحمدي-و كِلمة الإخلاص للمُوحِّد
يا ربنا أحسن ختامي واغفر- لوالديَّ والفؤاد نور
ولجميع المسلمين مثل ذاك – و رد كيد الكائدين لهداك.
وصل ربنا على الحبيب – طبِّ القلوب غُصنِها الرطيب